أخبار عامةحول العالم
الاتحاد الأوروبي يعلن دعمه للفلسطينيين في ملف القدس الشرقية … وواشنطن تتأهب لنقل سفارتها إليها في 2019

وأعلن مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارة للقدس توقيت هذا التحرك في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي وسط تصفيق النواب الإسرائيليين، لكنه أثار احتجاجا وجيزا من جانب النواب العرب الذين حملوا لافتات مكتوب عليها ”القدس عاصمة فلسطين“.
وفي بروكسل، أكدت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع أن الاتحاد يدعم تطلعه لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
لكنها قالت إنها ما زالت تريد العمل مع الولايات المتحدة بشأن محادثات السلام في الشرق الأوسط وإنها ناقشت سبل استئنافها في أواخر العام الماضي مع بنس ووزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.
وهونت من شأن توقيت زيارة نائب الرئيس لإسرائيل عندما كان عباس في بروكسل قائلة إنها مصادفة.
وأبلغ ميشايل روث نائب وزير الخارجية الألماني الصحفيين أن قرار ترامب جعل مباحثات السلام أصعب لكنه قال إنه ينبغي لجميع الأطراف العمل على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
واستخدم عباس أيضا نبرة أكثر دبلوماسية من التي استخدمها في تصريحاته العلنية في الآونة الأخيرة، بما في ذلك التصريحات التي أدلى بها في وقت سابق من هذا الشهر عندما قال إنه سيقبل فقط بلجنة واسعة تحظى بدعم دولي للوساطة في أي مباحثات سلام مع إسرائيل.
وقال عباس ”قد تحصل هناك بعض العقبات كالذي سمعناه مؤخرا من تصريحات هنا و هناك، لكن هذا لن يثنينا أبدا عن الاستمرار بالإيمان بأن الطريق الوحيد للوصول إلى السلام هو المفاوضات… نحن مصممون على الوصول إلى مصالحة فلسطينية من أجل إعادة الوحدة بين الأرض والشعب الفلسطيني“.
وفي إشارة أخرى على الدعم، ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إمكانية زيادة مساعدات الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بعد أن قالت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إنها ستحجب نحو نصف المساعدات المبدئية التي كانت تنوي إعطاءها إلى الوكالة التابعة للأمم المتحدة المعنية بتقديم خدمات للفلسطينيين. ولم يتم اتخاذ أي قرارات.
لكن دبلوماسيين قالوا إن دعوة عباس الاتحاد الأوروبي للاعتراف الرسمي والفوري بدولة فلسطين لم تجد دعما كبيرا خلال اجتماع على الغداء.
وبينما تعترف تسع حكومات من الاتحاد الأوروبي، ومن بينها السويد وبولندا، بالفعل بفلسطين يقول الاتحاد الذي يضم 28 دولة إن مثل هذا الاعتراف يجب أن يكون ضمن تسوية سلمية.
كانت سلوفينيا هي الوحيدة التي أثارت احتمال الاعتراف بدولة فلسطين في الآونة الأخيرة. ومن المقرر أن تنظر لجنة برلمانية في الأمر في 31 يناير لكن لم يتضح بعد متى قد يعترف البرلمان بفلسطين.
ويعكس ذلك الدور المزدوج الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي كأكبر جهة مانحة للمساعدات إلى الفلسطينيين وأكبر شريك تجاري لإسرائيل، حتى إذا كانت حكومات الاتحاد الأوروبي ترفض المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حرب عام 1967، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان.
كما يريد الاتحاد الأوروبي من الفلسطينيين أن يظلوا منفتحين على خطة السلام التي تقودها الولايات المتحدة والتي من المتوقع أن يقدمها قريبا مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون جرينبلات وجاريد كوشنر صهر وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي.
وبدلا من ذلك، تريد فرنسا أن تدفع الاتحاد الأوروبي إلى عرض علاقات تجارية أوثق من خلال ما يسمى باتفاق المشاركة في الاتحاد الأوروبي، وهو معاهدة للاتحاد تغطي الوصول إلى 500 مليون عميل في التكتل دون قيود بالإضافة إلى المساعدات وتعزيز العلاقات السياسية والثقافية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ”نريد أن نقول لعباس إننا نريد أن نتحرك… صوب اتفاق مشاركة وبدء العملية بالفعل“.
لكن دبلوماسيين يقولون إن عرض اتفاق مشاركة مع الاتحاد الأوروبي على الفلسطينيين تحيط به المصاعب أيضا، بينما عبر روث عن بعض التحفظ خلال الاجتماع المغلق في الوقت الذي قال فيه وزير خارجية أيرلندا سايمون كوفيني إن الاتحاد الأوروبي سيكون بحاجة لعرض شيء مشابه على إسرائيل.
ووفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي، لابد أن تبرم الاتفاقيات مع دول ذات سيادة. وتجادل فرنسا بأن لدى الاتحاد الأوروبي اتفاق مشاركة مع كوسوفو التي لم يحظ استقلالها باعتراف جميع الدول، بما في ذلك إسبانيا العضو في الاتحاد الأوروبي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدل فجأة عن سياسة أمريكية متبعة منذ عقود عندما اعترف في ديسمبر كانون الأول بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما أثار غضب الفلسطينيين والعالم العربي ومخاوف وسط حلفاء واشنطن الغربيين.
وأسعد تحرك ترامب إسرائيل، أوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، لكنه أدى إلى استياء قوى عالمية بينها روسيا والصين التي تخشى أن يؤجج التوتر الإقليمي ويزيد من شقة الخلاف بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويعتقد كثير من الدول أن القدس يجب أن تتقاسمها في نهاية المطاف إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية ولا تريد حتى الآن اتخاذ قرارات بشأن اعتراف بوضع المدينة قبل الاتفاق على تسوية سلمية شاملة.
وقال بنس ”في الأسابيع المقبلة ستمضي إدارتنا في خطتها لفتح السفارة الأمريكية في القدس وستفتتح سفارة الولايات المتحدة قبل نهاية العام المقبل“.
ومضى قائلا ”القدس عاصمة إسرائيل ولهذا وجه الرئيس دونالد ترامب وزارة الخارجية أن تبدأ الاستعدادات الأولية لنقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس“.
وأثار إعلان بنس ردود فعل متباينة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
فكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال على تويتر إن خطاب بنس أظهر أن الإدارة الأمريكية جزء من المشكلة لا الحل.
وأضاف ”خطاب بنس التبشيري هو هدية للمتطرفين… رسالة بنس للعالم كانت واضحة: قوموا بخرق القانون والقرارات الدولية وستقوم الولايات المتحدة بمكافأتكم“.
أما المحلل الإسرائيلي آموتس اسائيل فأبلغ رويترز أن أهمية خطاب بنس تكمن في الأساس في تحديده موعدا نهائيا لهذه الخطوة.
وأضاف ”أعتقد أنه (ترامب) يوضح للفلسطينيين أن سياستهم الاحتجاجية، والتي ظهرت بجلاء في ما فعله النواب العرب ولكن على نحو أكثر أهمية في غياب عباس ورحلته إلى بروكسل، لن تجعل أمريكا تتزحزح (عن موقفها)“.
وبينما لم يشر عباس إلى قرار ترامب بشأن القدس ولا إلى زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للمنطقة يوم الاثنين، استغل مسؤولون أوروبيون فرصة وجوده داخل مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل لتأكيد معارضتهم للقرار الذي اتخذه ترامب في السادس من ديسمبر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وضمت إسرائيل القدس الشرقية في حرب 1967 في خطوة لم يعترف بها دوليا وتعتبر القدس بأكملها عاصمتها ”الأبدية وغير المقسمة“.
ودعت موجيريني في إشارة خفية على ما يبدو إلى اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، المشاركين في العملية للحديث والتصرف ”بحكمة“ وإحساس بالمسؤولية.
وقالت موجيريني ”أود أن أطمئن الرئيس عباس إلى الالتزام القوي من جانب الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين الذي يشمل القدس عاصمة مشتركة للدولتين“.
وقبل وصول عباس كانت موجيريني تتحدث بإسهاب أكبر حيث قالت ”بوضوح هناك مشكلة فيما يتعلق بالقدس. هذا تعبير دبلوماسي خفيف للغاية“ في إشارة إلى موقف ترامب.
لكنها قالت إنها ما زالت تريد العمل مع الولايات المتحدة بشأن محادثات السلام في الشرق الأوسط وإنها ناقشت سبل استئنافها في أواخر العام الماضي مع بنس ووزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.
وقال بنس، الذي زار مصر والأردن قبل التوجه إلى إسرائيل، إن بتغيير واشنطن سياستها تجاه القدس ”تكون الولايات المتحدة قد اختارت الحقيقة على الخيال… والحقيقة هي الأساس الحقيقي الوحيد لسلام عادل ودائم“.
وأبرز بنس، وهو مسيحي إنجيلي، أوجه الشبه بين التاريخ اليهودي الذي يعود إلى الحقب التوراتية وبين الزوار الأوروبيين الذين أسسوا الولايات المتحدة. وتخلل خطاب بنس تصفيق حار من جانب أعضاء الكنيست.
وحين أشار إلى أن إسرائيل ستحتفل في مايو بالذكرى السبعين لتأسيسها، في حرب يصفها الفلسطينيون بالنكبة، تحول بنس إلى العبرية لأداء صلاة شكر يهودية.
ولدى استقباله بنس في البرلمان، قال نتنياهو إنه أول نائب رئيس أمريكي ينال هذا الشرف.
وأضاف أن إسرائيل والولايات المتحدة ”تسعيان معا إلى تحقيق سلام حقيقي… سلام دائم… سلام مع جميع جيراننا، ومن بينهم الفلسطينيون“.